👤

أذكر القيم التي واجه بها يوسف إصرار زوجة العزيز على طلبها؟​

Répondre :

Réponse:

" يوسف عليه السلام وامرأة العزيز "

بعدما قذفه إخوته في قعر بئر مظلم ، وتركوه وانقلبوا إلى أبيهم يعقوب عليه السلام يتباكون فقده ، ويندبون ضياعه!! لبث يوسف في البئر حزينا صامتا محتسبا، حتى مرت بالبئر قافلة من ركب كثير، فتوقفت عنده لتستزيد من الماء وتستريح من عناء الطريق .

قذف أحدهم دلوه في البئر فاستمسك به يوسف، فصار الدلو أثقل على الساقي من المعتاد، فجرَّه إليه بصعوبة بالغة، ولما اقترب منه لاحظ فيه غلاما جميلا قد كان في قعر البئر ثاويا، فصرخ ! " يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ " [يوسف: 19] .

حمل يوسف إلى مصر، وباعه الركب إلى رجل جعله ملك مصر على خزائنها، وكان اسمه (أطفير بن روحيب) ويعرف بعزيز مصر .

كان العزيز رجلا شريفا محبوبا عند أهل مصر، وكان لا يولد له، فكان فرحه بيوسف عظيما، فأدخله قصره وأمر زوجته (زليخا) بإكرامه قائلا : " أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا" [يوسف: 21] .

ترعرع يوسف في قصر العزيز، وكان بخلقه الرفيع واستقامته الخيرة يملأ على العزيز قصره، ويبهج صدره، ويقر عينه .

1- بداية الفتنة وبراءة يوسف :

لكن امرأة العزيز أُشْرِبَتْ في قلبها حبه، فسكن هواه في سويدائه، وهيامه في غلافه، فأصبحت تتحين الفرصة بين الفينة والأخرى، لتمكن نفسها من ذاته، فقد كانت مصروعة بجماله وصفاء سريرته وفعاله! بعدما نفذت حيلها في الإيقاع به في أحضان الرذيلة، ولم ينفعها معه أسلوب الإغراء والإغواء، دبرت له مكيدة ماكرة ظنتها تبلغها المارد، فماذا فعلت؟ لقد غلقت الأبواب وانفردت به ودعته إلى الفاحشة النكراء بصريح العبارة : " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ " [يوسف: 23] .

وهنا يرسم يوسف عليه السلام معالم العفة الحياء، ويعلن موقفه الرفض للوقوع في الفحشاء فلم يبالِ بزينة امرأة العزيز وسفورها، ولم يلتفت إلى منصبها وجمالها، إنما استحضر مراقبة الله واطلاعه، فرد عليها " مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " [يوسف: 23] .

وبعد أن رآها مصرة على غيها وشهوتها، تتقدم إليه ، وتثيره انقلب يوسف اتجاه الباب هاربا من فتنتها بجسده، بعدما أعلن براءته وعفته، ولشدة حرص امرأة العزيز على الفاحشة، تبعت يوسف وأمسكت بقميصه بقوة فتمزق، وفي اللحظة نفسها دخل العزيز عليهما في تلك الصورة الغامضة، فانتابته الدهشة، تملكته الحيرة، وتحركت في باطنه الغيرة , فلم يدر.. ما حقيقة الذي يجري ! هل زوجته وشريكة حياته تخونه؟! أم ذاك الشاب الحيي الشهم الكريم؟!

وقبل أن يسأل أو يستفسر، سبقته امرأته بمكر ودهاء.. فادعت أن يوسف راودها عن نفسها وطلب منها الفاحشة، وظهرت لزوجها بمظهر العفيفة المظلومة المخلصة لزوجها في غيابه! وطالبت العزيز بسجن يوسف، " وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [يوسف: 25] لم يكن ليوسف وَقْتَئِذٍ إلا أن يكشف حقيقة الأمر دفعا للظلم عن نفسه فقال : " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي " [يوسف: 26] .

ومن عظيم قدر الله أن كان أحد أقارب امرأة العزيز برفقة العزيز، فما عاين ذلك المشهد المريب خطر بباله أمر قد يظهر به الحق من الباطل , فطرحه على العزيز لعله يهتدي إلى حقيقة الحدث ! قال : " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ " [يوسف: 26-27] .

وحينما تفقد العزيز قميص يوسف وجده ممزقا من خلفه، فأيقن ببراءة يوسف وعفته، وعلم ما دبرته زوجته (زليخا) من المكر والخديعة والقذف .. فصوب إصبع الاتهام إليها وقال : " إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ " [يوسف: 28] .

وحتى لا يفتضح الأمر، ويهتك بيت العزيز، أمر يوسف بالإعراض عن هذه القضية وكتمانها، ثم أمر زوجته بالتوبة والرجوع عن الخطأ.. " يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ " [يوسف: 29] .

2- فتنة جديدة :

لم تنتهِ رحلة عفة يوسف عليه السلام بِطَيِّ هذا الحدث العجيب، بل كانت بداية لابتلاء جديد يتعرض له يوسف من قبل نسوة أخريات ! فقد انتشر في أوساط الناس ما وقع ليوسف من فتنة، وأصبح الحديث عن عشق امرأة العزيز له على ألسنة كثير من النسوة , فواحدة تذمها، وأخرى توبخها، وثالثة تضللها.. ورابعة تعيب عليها حبها لفتى من فتيان القصر وخدمه ! " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " [يوسف: 30] .

لم يكن أمام (زليخا) إلا أن تبحث عن مخرج يخفف من وطأة فضيحتها، ويسد منافذ ملامة النسوة لها، فدبرت مكيدة جديدة تضع بها حدا 22] .